فصل: السنة التي حكم في أولها الملك الكامل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


وفي يوم مستهل شعبان خرج الأمير طيبغا المجدي والأمير أسندمر الغمري والأمير بيغرا والأمير أرغون الكاملي والأمير بيبغا أرس والأمير بيبغا ططر إلى الصيد ثم خرج الأمير أرقطاي النائب بعدهم إلى الوجه القبلي بطيور السلطان‏.‏

ورسم السلطان لهم ألا يحضروا إلى العشر الأخير من شهر رمضان‏.‏

فخلا الجو للسلطان وأعاد حضير الحمام وأعاد أرباب الملاعيب من الصراع والثقاف والشباك وجري السعاة ونطاح الكباش ومناقرة الديوك والقمار وغير ذلك من أنواع الفساد‏.‏

ونودي بإطلاق اللعب بذلك بالقاهرة ومصر وصار للسلطان آجتماع بالأوباش وأراذل الطوائف من الفراشين والبابية ومطيري الحمام فكان السلطان يقف معهم ويراهن على الطير الفلاني والطيرة الفلانية‏.‏

وبينما هو ذات يوم معهم عند حضير الحمام وقد سيبها إذ أذن العصر بالقلعة والقرافة فجفلت الحمام عن مقاصيرها وتطايرت فغضب وبعث إلى المؤذنين يأمرهم أنهم إذا رأوا الحمام لا يرفعون أصواتهم‏.‏

وكان السلطان يلعب مع العوام بالعصي وكان إذا لعب مع الأوباش يتعرى ويلبس تبان جلد ويصارع معهم ويلعب بالرمح والكرة فيظل نهاره مع الغلمان والعبيد في الدهيشة وصار يتجاهر بما لا يليق به أن يفعله‏.‏

ثم أخذ مع ذلك كله في التدبير على قتل أخيه حسين وأرصد له عدة خدام ليهجموا عليه عند إمكان الفرصة ويغتالوه فبلغ حسينًا ذلك فتمارض واحترس على نفسه فلم يجدوا منه غفلة‏.‏

ثم في سابع عشر شعبان توفي الخليفة أبو الربيع سليمان وبويع بالخلافة ابنه أبو بكر ولقب بالمعتصم بالله أبي الفتح‏.‏

وفي آخر شعبان قدم الأمراء من الصيد شيئًا بعد شيء وقد بلغهم ما فعله السلطان في غيبتهم‏.‏

وقدم ابن الحراني من دمشق بمال يلبغا اليحياوي فتسلمه الخدام‏.‏

وأنعم السلطان من ليلته على حظيته ‏"‏ كيدا ‏"‏ من المال بعشرين ألف دينار سوى الجواهر واللآلئ ونثر الذهب على الخدام والجواري فاختطفوه وهو يضحك‏.‏

وفرق على لعاب الحمام والفراشين والعبيد الذهب واللؤلؤ وهو يحذفه عليهم وهم يترامون عليه ويأخذوه بحيث إنه لم يدع من مال يلبغا سوى القماش فكان جملة التي فرقها ثلاثين ألف دينار وثلاثمائة ألف درهم وجواهر وحليًا ولؤلؤًا وزركشًا ومصاغًا قيمته زيادة على ثمانين ألف دينار‏.‏

فعظم ذلك على الأمراء وأخذ ألجيبغا وطنيرق يعرفان السلطان ما ينكره عليه الأمراء من لعب الحمام وتقريب الأوباش وخوفاه فساد الأمر فغضب وأمر آقجبا شاد العمائر بخراب حضير الحمام ثم أحضر الحمام وذبحهم واحدًا بعد واحد بيده وقال لألجيبغا وطنيرق‏:‏ ‏"‏ والله لأذبحنكم كلكم كما ذبحت هذا الحمام ‏"‏ وتركهم وقام‏.‏

وفرق جماعة من خشداشية ألجيبغا وطنيرق في البلاد الشامية وآستمر على إعراضه عن الجميع ثم قال لحظاياه وعنده معهن الشيخ علي بن الكسيح‏:‏ ‏"‏ والله ما بقي يهنأ لي عيش وهذان الكذابان بالحياة يعني بذلك عن ألجيبغا وطنيرق فقد أفسدا علي جميع ما كان لي فيه سرور واتفقا علي ولا بد لي من ذبحهما ‏"‏ فنقل ذلك ابن الكسيح لألجيبغا فإن ألجيبغا هو الذي أوصله إلى السلطان وقال‏:‏ ‏"‏ مع ذلك خذ لنفسك فوالله لا يرجع عنك وعن طنيرق ‏"‏ فطلب ألجيبغا طنيرق وعرفه ذلك فأخذا في التدبير عليه في الباطن وأخذ في التدبير عليهما‏.‏

وخرج الأمير بيبغا أرس للصيد بالعباسة فإنه كان صديقًا لألجيبغا وتنمر السلطان على طنيرق وآشتد عليه وبالغ في تهديده‏.‏

فبعث طنيرق وألجيبغا إلى الأمير طشتمر طلليه وما زالا به حتى وافقهما‏.‏

ودارا على الأمراء وما منهم إلا من نفرت نفسه من السلطان الملك المظفر وتوقع به أنه يفتك به فصاروا معهما يدًا واحدة لما في نفوسهم‏.‏

ثم كلموا النائب في موافقتهم وأعلموه أنه يريد القبض عليه وكان عنده أيضًا حس من ذلك وأكثروا من تشجيعه حتى وافقهم وأجابهم‏.‏

وتواعدوا جميعًا في يوم الخميس تاسع شهر رمضان على الركوب على السلطان في يوم الأحد ثاني عشر شهر رمضان‏.‏

فبعث السلطان في يوم السبت يطلب بيبغا أرس من العباسة وقد قرر مع الطواشي عنبر مقدم المماليك أن يعرف المماليك السلاح دارية أن يقفوا خلفه فإذا دخل بيبغا أرس وقبل الأرض ضربوه بالسيوف وقطعوه قطعًا‏.‏

فعلم بذلك ألجيبغا وبعث إليه يعلمه بما دبره السلطان عليه من قتله ويعرفه بما وقع آتفاق الأمراء عليه وأنه يوافيهم بكرة يوم الأحد على قبة النصر‏.‏

فآستعدوا ليلتهم ونزل ألجيبغا من القلعة وتلاه بقية الأمراء حتى كان آخرهم ركوبًا الأمير أرقطاي نائب السلطنة‏.‏

وتوافوا بأجمعهم عند مطعم الطير وإذا ببيبغا أرس قد وصل إليهم فعبوا أطلابهم ومماليكهم ميمنة وميسرة وبعثوا في طلب بقية الأمراء فما ارتفع النهار حتى وقفوا بأجمعهم ملبسين عند قبة النصر‏.‏

وبلغ السلطان ذلك فأمر بضرب الكوسات فدقت وبعث الأوجاقية في طلب الأمراء فجاءه طنجرق وشيخون وأرغون الكاملي وطاز ونحوهم من الأمراء الخاصكية‏.‏

ثم بعث المقدمين في طلب أجناد الحلقة فحضروا‏.‏

ثم أرسل السلطان يعتب النائب أرقطاي على ركوبه فرد جوابه بأن مملوكك الذي ربيته ركب عليك يعني عن ألجيبغا وأعلمنا فساد نيتك لنا وقد قتلت مماليك أبيك وأخذت أموالهم وهتكت حريمهم بغير موجب وعزمت على الفتك بمن بقي‏.‏

وأنت أول من حلف أنك لا تخون الأمراء ولا تخرب بيت أحد فرد السلطان الرسول إليه يستخبره عما يريده الأمراء من السلطان حتى يفعله لهم فعاد جوابهم أنه لا بد أن يسلطنوا غيره فقال‏:‏ ‏"‏ ما أموت إلا على ظهر فرسي ‏"‏ فقبضوا على رسوله وهموا بالزحف عليه فمنعهم النائب أرقطاي من ذلك حتى يكون القتال أولًا من السلطان‏.‏

فبادر السلطان بالركوب إليهم وأقام أرغون الكاملي وشيخون في الميمنة ثم أقام عدة أمراء أخر في الميسرة وسار بمماليكه حتى وصل إلى قريب قبة النصر فكان أول من تركه ومضى إلى القوم الأمير طاز ثم الأمير أرغون الكاملي ثم الأمير ملكتمر السعدي ثم الأمير شيخون وانضافوا الجميع إلى النائب أرقطاي والأمراء وتلاهم بقيتهم حتى جاء الأمير طنرق والأمير لاجين أمير جاندار صهر السلطان آخرهم‏.‏

وبقي السلطان في نحو عشرين فارسًا فبرز له الأمير بيبغا أرس والأمير ألجيبغا فولى السلطان فرسه وآنهزم عنهم فتبعوه وأدركوه وأحاطوا به فتقدم إليه بيبغا أرس فضربه السلطان بالطبر فأخذ بيبغا الضربة بترسه‏.‏

ثم حمل عليه بالرمح وتكاثروا عليه حتى قلعوه من سرجه وضربه طنيرق بالسيف فجرح وجهه وأصابعه‏.‏

ثم ساروا به على فرس غير فرسه محتفظين به إلى تربة آق سنقر الرومي تحت الجبل وذبحوه من ساعته قبيل عصر يوم الأحد ثاني عشر شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ودفن بتربة أمه‏.‏

ولما أنزلوه وأرادوا ذبحه قال لهم‏:‏ ‏"‏ بالله لا تستعجلوا علي خلوني ساعة ‏"‏ فقالوا‏:‏ كيف استعجلت أنت على قتل الناس‏!‏ لو صبرت عليهم صبرنا عليك فذبحوه‏.‏

وقيل‏:‏ إنهم لما أنزلوه عن فرسه كتفوه وأحضروه بين يدي النائب أرقطاي ليقتله فلما رآه النائب نزل عن فرسه وترجل ورمى عليه قباءه وقال‏:‏ ‏"‏ أعوذ بالله هذا سلطان ابن سلطان ما أقتله ‏"‏‏!‏ فأخذوه ومضوا إلى الموضع الذي ذبحوه فيه‏.‏

وفيه يقول الشيخ صلاح الدين الصفدي‏:‏ أيها العاقل اللبيب تفكر في المليك المظفر الضرغام كم تمادى في البغي والغي حتى كان لعب الحمام جد الحمام وفيه يقول‏:‏ حان الردى للمظفر وفي التراب تعفر وقاتل النفس ظلمًا ذنوبه ما تكفر ثم صعد الأمراء القلعة من يومهم ونادوا في القاهرة بالأمان والاطمئنان وباتوا بالقلعة ليلة الإثنين وقد اتفقوا على مكاتبة نائب الشام الأمير أرغون شاه بما وقع وأن يأخذوا رأيه فيمن يقيموه سلطانًا‏.‏

فأصبحوا وقد آجتمع المماليك على إقامة حسين ابن الملك الناصر محمد عوضًا عن أخيه المظفر في السلطنة ووقعت بين حسين وبينهم مراسلات‏.‏

فقام المماليك في أمره فقبضوا الأمراء على عدة منهم ووكلوا الأمير طاز بباب حسين حتى لا يجتمع به أحد من جهة المماليك وأغلقوا باب القلعة واستمروا بآلة الحرب يومهم وليلة الثلاثاء‏.‏

وقصد المماليك إقامة الفتنة فخاف الأمراء تأخير السلطنة حتى يستشيروا نائب الشام أن يقع من المماليك ما لا يدرك فارطه فوقع آتفاقهم عند ذلك على حسن فسلطنوه فتم أمره‏.‏

وكانت مدة سلطنة الملك المظفر هذا على مصر سنة واحدة وثلاثة أشهر وأربعة عشر يومًا‏.‏

وكان المظفر أهوج سريع الحركة عديم المداراة سيئ التدبير يؤثر صحبة الأوباش على أرباب الفضائل والأعيان‏.‏

وكان فيه ظلم وجبروت وسفك للدماء‏.‏

قتل في مدة سلطنته مع قصرها خلائق كثيرة من الأمراء وغيرهم‏.‏

وكان مسرفًا على نفسه يحب لعب الحمام وغيره ويحسن فنونًا كثيرة من الملاعيب كالرمح قلت‏:‏ وبالجملة هو أسوأ سيرة من جميع إخوته ممن تسلطن قبله من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون على أن الجميع غير نجباء وحالهم كقول القائل‏:‏ ‏"‏ عجيب نجيب من نجيب ‏"‏ اللهم إن كان السلطان حسن الآتي ذكره فهو لا بأس به‏.‏

انتهى‏.‏

 السنة التي حكم في أولها الملك الكامل

شعبان إلى سلخ جمادى الأولى ثم حكم في باقيها الملك المظفر حاجي صاحب الترجمة وهي سنة سبع وأربعين وسبعمائة‏.‏

فيها توفي الأمير بهاء الدين أصلم بن عبد الله الناصري أحد أمراء الألوف بالديار المصرية في يوم السبت عاشر شعبان وإليه ينسب جامع أصلم خارج القاهرة بسوق الغنم‏.‏

وكان أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون وكان من خواص الملك الناصر محمد وقبض عليه وحبسه سنين ثم أطلقه‏.‏

وكان من أعيان الأمراء وتولى عدة ولايات بالبلاد الشامية وغيرها حسب ما تقدم ذكره فيما مضى‏.‏

طالت أيامه في السعادة والإمرة حتى صار من أمراء المشورة‏.‏

وتوفي الأمير الكبير سيف الدين الحاج آل ملك الجوكندار ثم نائب السلطنة بالديار المصرية مقتولًا بالإسكندرية في أيام الملك الكامل شعبان‏.‏

وأحضر ميتًا إلى القاهرة في يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الآخرة‏.‏

وأصله من كسب الأبلستين في الأيام الظاهرية بيبرس في سنة ست وسبعين وستمائة واشتراه قلاوون وهو أمير ومعه سلار النائب فأنعم بسلار على ولده علي وأنعم بآل ملك هذا على ولده الآخر‏.‏

وقيل قدمه لصهره الملك السعيد بركة خان ابن الملك الظاهر بيبرس فأعطاه الملك السعيد لكوندك وقيل غير ذلك‏.‏

وترقى آل ملك في الخدم إلى أن صار من جملة أمراء الديار المصرية‏.‏

وتردد للملك الناصر محمد بن قلاوون في الرسلية لما كان بالكرك من جهة الملك المظفر بيبرس الجاشنكير فأعجب الملك الناصر عقله وكلامه‏.‏

فلما أن عاد الملك الناصر إلى ملكه رقاه وولاه الأعمال الجليلة إلى أن ولي نيابة السلطنة بديار مصر في دولة الملك الصالح إسماعيل‏.‏

فلما ولي الملك الكامل شعبان أخرجه لنيابة صفد ثم طلبه وقبض عليه وقتله بالإسكندرية وقد ذكرنا من أحواله نبذة كبيرة في عدة تراجم فلا حاجة لتكرار ذلك إذ ليس هذا المحل محل الإطناب إلا في تراجم ملوك مصر فقط ومن عداهم يكون على سبيل الاختصار‏.‏

وآل ملك هذا هو صاحب الدار العظيمة بالقرب من باب مشهد الحسين - رضي الله عنه - وله هناك مدرسة أيضًا تعرف به وهو صاحب الجامع بالحسينية‏.‏

وكان خيرًا دينًا عفيفًا مثريًا‏.‏

كان يقول‏:‏ ‏"‏ كل أمير لا يقيم رمحه ويسكب الذهب حتى يساوي السنان ما هو أمير ‏"‏‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قماري بن عبد الله الناصري أخو بكتمر الساقي مقتولًا‏.‏

وقد ولى نيابة طرابلس والأستادارية بديار مصر وكان من أعيان الأمراء الناصرية مشهورًا بالشجاعة والإقدام وهو غير قماري أمير شكار وكلاهما من المماليك الناصرية‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين ملكتمر بن عبد الله السرجواني نائب الكرك في يوم الإثنين مستهل المحرم خارج القاهرة وقد قدمها من الكرك مريضًا‏.‏

وكان من أعيان الأمراء وتولى عدة ولايات لا سيما نيابة الكرك فإنه وليها غير مرة‏.‏

قلت‏:‏ وغالب هؤلاء الأمراء ذكرنا من أحوالهم في عدة مواطن من تراجم ملوك مصر ما يستغنى عن ذكره ثانيًا هنا‏.‏

وتوفي ملك تونس من بلاد الغرب أبو بكر بن يحيى بن إبراهيم بن يحيي بن عبد الواحد في ليلة الأربعاء ثامن شهر رجب بعد ما ملك تونس نحوًا من ثلاثين سنة‏.‏

وتولى بعده ابنه أبو حفص عمر‏.‏

وكان أبو بكر هذا من أجل ملوك الغرب وطالت أيامه في السلطنة وله مواقف مع العدو مشهودة‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي القاضي تاج الدين محمد بن الخضر بن عبد الرحمن بن سليمان المصري كاتب سر دمشق في ليلة الجمعة تاسع شهر ربيع الآخر‏.‏

وكان كاتبًا فاضلًا باشر عدة وظائف‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين طقتمر بن عبد الله الصلاحي نائب حمص بها‏.‏

وكان من أعيان أمراء مصر‏.‏

وقد مر ذكره أيضًا في تراجم أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون‏.‏

وتوفي الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن نمير بن السراج بن نمير بن السراج في شعبان وكان كاتبًا فاضلًا مقرئًا وعنده مشاركة في فنون‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وخمس أصابع‏.‏

والله أعلم‏.‏

السنة الثانية من سلطنة المظفر حاجي وهي سنة ثمان وأربعين وسبعمائة‏.‏

على أنه قتل في شهر رمضان منها وحكم في باقيها أخوه السلطان الملك الناصر حسن‏.‏

فيها توفي الأمير شمس الدين آق سنقر بن عبد الله الناصري مقتولًا بقلعة الجبل‏.‏

وقد تقدم ذكر قتله وهو أن الملك المظفر حاجيًا أمر بالقبض على آق سنقر وعلى الحجازي بالقصر ثم قتلا من ساعتهما تهبيرًا بالسيوف في يوم الأحد تاسع عشر شهر ربيع الآخر‏.‏

وكان آق سنقر هذا اختص به أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون وزوجه إحدى بناته وجعله أمير شكار ثم أمير آخور ثم نائب غزة وأعيد بعد موت الناصر في أيام الملك الصالح إسماعيل ثانيًا واستقر أمير آخور على عادته ثم ولي نيابة طرابلس مدة ثم أحضر إلى مصر في أيام الملك الكامل شعبان وعظم قدره ودبر الدولة في أيام الملك المظفر حاجي‏.‏

ثم ثقل عليه وعلى حواشيه فوشوا به وبملكتمر حتى قبض عليهما وقتلهما في يوم واحد‏.‏

وكان آق سنقر أميرًا جليلًا كريمًا شجاعًا عارفًا مدبرًا‏.‏

وإليه ينسب جامع آق سنقر بخط التبانة خارج القاهرة بالقرب من باب الوزير‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بيدمر البدري مقتولًا بغزة في أول جمادى الآخرة وهو أيضًا أحد المماليك الناصرية وترقى إلى أن ولي نيابة حلب‏.‏

وقد تقدم ذكر مقتله في ترجمة الملك المظفر حاجي‏.‏

وإليه تنسب المدرسة البيدمرية قريبًا من مشهد الحسين رضى الله عنه‏.‏

وتوفي قاضي القضاة عماد الدين علي بن محيي الدين أحمد بن عبد الواحد بن عبد المنعم بن عبد الصمد الطرسوسي الحنفي الدمشقي قاضي قضاة دمشق بها عن تسع وسبعين سنة تقريبًا بعد ما ترك القضاء لولده وانقطع بداره للعبادة إلى أن مات في يوم الإثنين ثامن عشرين ذي الحجة‏.‏

وكان منشؤه بدمشق وقرأ الخلاف على الشيخ بهاء الدين بن النحاس والفرائض على أبي العلاء وتفقه على جماعة من علماء عصره وبرع في عدة علوم وأفتى ودرس بعدة مدارس‏.‏

وكان كثير التلاوة سريع القراءة‏.‏

قيل إنه كان يقرأ القرآن في التروايح كاملًا في أقل من ثلاث ساعات بحضور جماعة من القراء‏.‏

وتولى قضاء دمشق بعد قاضي القضاة صدر الدين علي الحنفي في سنة سبع وعشرين وسبعمائة وحمدت سيرته‏.‏

وكان أولًا ينوب عنه في الحكم‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي قاضي قضاة المالكية وشيخ الشيوخ بدمشق شرف الدين محمد بن أبي بكر ابن ظافر بن عبد الوهاب الهمذاني في ثالث المحرم عن ثلاث وسبعين سنة‏.‏

وكان فقيهًا عالمًا صوفيًا‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام الحافظ المؤرخ صاحب التصانيف المفيدة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله التركماني الأصل الفارقي الذهبي الشافعي - رحمه الله تعالى - أحد الحفاظ المشهورة في ثالث ذي القعدة‏.‏

ومولده في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وستمائة وسمع الكثير ورحل البلاد وكتب وألف وصنف وأرخ وصحح وبرع في الحديث وعلومه وحصل الأصول وآنتقى وقرأ القراءات السبع على جماعة من مشايخ القراءات‏.‏

استوعبنا مشايخه ومصنفاته في تاريخنا ‏"‏ المنهل الصافي ‏"‏ مستوفاة‏.‏

ومن مصنفاته‏:‏ ‏"‏ تاريخ الإسلام ‏"‏ وهو أجل كتاب نقلت عنه في هذا التاريخ‏.‏

وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي - بعد ما أثنى عليه - قال‏:‏ ‏"‏ وأخذت عنه وقرأت عليه كثيرًا من تصانيفه ولم أجد عنده جمودة المحدثين ولا كودنة النقلة بل هو فقيه النظر له دربة بأقوال الناس ومذاهب الأئمة من السلف وأرباب المقالات‏.‏

وأعجبني منه ما يعنيه في تصانيفه ثم إنه لا يتعدى حديثًا يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام إسناد أو طعن في روايته وهذا لم أر غيره يراعي هذه الفائدة ‏"‏‏.‏

وأنشدني من لفظة لنفسه مضمنًا وهو تخيل جيد إلى الغاية‏:‏ إذا قرأ الحديث علي شخص وأخلى موضعًا لوفاة مثلي فما جازى بإحسان لأني أريد حياته ويريد قتلي وتوفي الأمير الوزير نجم الدين محمود بن علي بن شروين المعروف بوزير بغداد مقتولًا بغزة مع الأمير بيدمر البدري في جمادى الآخرة‏.‏

وكان قدم من بغداد إلى القاهرة في دولة الملك الناصر محمد بن قلاوون فلما سلم على السلطان وقبل الأرض ثم قبل يده حط في يد السلطان حجر بلخش زنته أربعون درهمًا قوم بمائتي ألف درهم فاقره السلطان وأعطاه تقدمة ألف بديار مصر‏.‏

ثم ولي الوزر غير مرة إلى أن أخرجه الملك المظفر حاجي إلى غزة وقتله بها هو وبيدمر البدري وطغيتمر الدوادار‏.‏

وكان - رحمه الله - عاقلًا سيوسًا كريمًا محسنًا مدبرًا محمود الاسم والسيرة في ولاياته وهو ممن ولي الوزر شرقًا وغربًا وهو صاحب الخانقاه بالقرافة بجوار تربة كافور الهندي‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام البارع المفتن قوام الدين مسعود بن محمد بن محمد بن سهل الكرماني الحنفي بدمشق وقد جاوز الثمانين سنة‏.‏

وكان إمامًا بارعًا في الفقه والنحو والأصلين واللغة وله شعر وتصانيف وسماه الحافظ عبد القادر في الطبقات مسعود بن إبراهيم‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين ملكتمر بن عبد الله الحجازي الناصري قتيلًا في تاسع عشر شهر ربيع الآخر مع الأمير آق سنقر المقدم ذكره‏.‏

وكان أصل الحجازي من مماليك شمس الدين أحمد بن يحيى بن محمد بن عمر الشهرزوري البغدادي فبذل فيه الملك الناصر محمد زيادة على مائة ألف درهم حتى ابتاعه له منه المجد السلامي بمكة لما حج الشهرزوري وقدم به على الناصر فلم ير بمصر أحسن منه ولا أظرف فعرف بالحجازي‏.‏

وحظي عند الملك الناصر حتى جعله من أكابر الأمراء وزوجه بإحدى بناته‏.‏

وكان فيه كل الخصال الحسنة غير أنه كان مسرفًا على نفسه منهمكًا في اللذات مدمنًا على شرب الخمر فكان مرتبه منه في كل يوم خمسين رطلًا‏.‏

ولم يسمع منه في سكره وصحوه كلمة فحش ولا توسط بسوء أبدًا هذا مع سماحة النفس والتواضع والشجاعة والكرم المفرط والتجمل في ملبسه ومركبه وحواشيه‏.‏

وقد تقدم كيفية قتله في ترجمة الملك المظفر هذا‏.‏

وتوفي الأمير طغيتمر بن عبد الله النجمي الدوادار صاحب الخانقاة النجمية خارج باب المحروق من القاهرة مقتولًا بغزة مع بيدمر البدري ووزير بغداد المقدم ذكرهما‏.‏

وكان طغيتمر من أجل أمراء مصر وكان عارفًا عاقلًا كاتبًا وعنده فضيلة ومشاركة‏.‏

وكان مليح الشكل‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين يلبغا اليحياوي الناصري نائب الشام مقتولًا بقلعة قاقون‏.‏

تقدم ذكر قتله في ترجمة الملك المظفر هذا‏.‏

وكان يلبغا هذا أحد من شغف به أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون وعمر له الدار العظيمة التي موضعها الآن مدرسة السلطان حسن تجاه القلعة‏.‏

ثم جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية‏.‏

ثم ولي بعد موت الملك الناصر حماة وحلب والشام‏.‏

وعمر بالشام الجامع المعروف بجامع يلبغا بسوق الخيل ولم يكمله فكمل بعد موته‏.‏

وكان حسن الشكالة شجاعًا كريمًا‏.‏

بلغ إنعامه في كل سنة على مماليكه فقط مائة وعشرين فرسًا وثمانين حياصة ذهب‏.‏

وعاش أبوه بعده وكان تركي الجنس وتقلب في هذه السعادة ومات وسنه نيف على عشرين سنة‏.‏

وتوفي الأمير أرغون بن عبد الله العلائي قتيلًا بالإسكندرية‏.‏

وكان أرغون أحد المماليك الناصرية رقاه الملك الناصر محمد في خدمته وزوجه أم ولديه‏:‏ إسماعيل الصالح وشعبان الكامل وعمله لالا لأولاده فدبر الدولة في أيام ربيبه الملك الصالح إسماعيل أحسن تدبير‏.‏

ثم قام بتدبير ربيبه أيضًا الملك الكامل شعبان حتى قتل شعبان لسوء سيرته وأرغون ملازمه فقبض على أرغون المذكور بعد الهزيمة وسجن بالإسكندرية إلى أن قتله الملك المظفر حاجي فيمن قتل وقد تقدم ذكر ذلك كله مفصلًا في وقته‏.‏

وأرغون هذا هو صاحب الخانقاه بالقرافة‏.‏

وكان عاقلًا عارفًا مدبرًا سيوسًا كريمًا ينعم في كل سنة بمائتين وثلاثين فرسًا ومبلغ أربعين ألف دينار‏.‏

قال الشيخ صلاح الدين الصفدي‏:‏ وعظمت حرمته لما دبر المملكة وكثرت أرزاقه وأملاكه وصار أكبر من النواب بالديار المصرية وهو باق على وظيفته رأس نوبة الجمدارية وجنديته إلى آخر وقت‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الذي ذكره صلاح الدين من العجب‏:‏ كونه يكون مدبر مملكتي الصالح والكامل وهو غير أمير‏.‏

انتهى‏.‏

وتوفي جماعة من الأمراء بسيف السلطان الملك المظفر حاجي منهم‏:‏ الأمير أيتمش عبد الغني والأمير تمر الموساوي الساقي والأمير قرابغا والأمير صمغار الجميع بسجن الإسكندرية وهم من المماليك الناصرية محمد بن قلاوون‏.‏

وقتل أيضًا بقلعة الجبل الأمير غرلو في خامس عشرين جمادى الآخرة وقد تقدم التعريف بحاله عند قتله في ترجمة الملك المظفر حاجي‏.‏

وكان جركسي الجنس ولهذا كان جمع الجراكسة على الملك المظفر حاجي لأنهم من جنسه‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ سلطنة الناصر حسن الأولى السلطان الملك الناصر بدر الدين وقيل ناصر الدين أبو المعالي حسن - واللقب الثاني أصح لأنه أخذ كنية أبيه ولقبه وشهرته - ابن السلطان الملك الناصر محمد ابن السلطان الملك المنصور قلاوون‏.‏

وأمه أم ولد ماتت عنه وهو صغير فتولى تربيته خوند أردو وكان أولًا يدعى قماري واستمر بالدور السلطانية إلى أن كان من أمر أخيه الملك المظفر خاجي ما كان‏.‏

وطلبت المماليك أخاه حسينًا للسلطنة فقام الأمراء بسلطنة حسن هذا وأجلسوه على تخت الملك بالإيوان في يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان سنة ثماني وأربعين وسبعمائة وركب بشعار السلطنة وأبهة الملك‏.‏

ولما جلس على تخت الملك لقبوه بالملك الناصر سيف الدين قماري فقال السلطان حسن للنائب أرقطاي‏:‏ ‏"‏ يا أبت ما آسمي قماري إنما اسمي حسن ‏"‏ فاستلطفه الناس لصغر سنه ولذكائه فقال له النائب‏:‏ ‏"‏ يا خوند - والله - إن هذا آسم حسن على خيرة الله تعالى ‏"‏‏.‏

فصاحت الجاووشية في الحال بآسمه وشهرته وتم أمره وحلف له الأمراء على العادة وعمره يوم سلطنته إحدى عشرة سنة‏.‏

وهو السلطان التاسع عشر من ملوك الترك بالديار المصرية والسابع من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون‏.‏

وفي يوم الأربعاء خامس عشره اجتمع الأمراء بالقلعة وأخرج لهم الطواشي دينار الشبلي المال من الخزانة‏.‏

ثم طلب الأمراء خدام الملك المظفر وعبيده ومن كان يعاشره من الفراشين ولعاب الحمام وسلموا لشاد الدواوين على حمل ما أخذوه من الملك المظفر من الأموال فأقر الخدام أن الذي خص ‏"‏ كيدا ‏"‏ في مدة شهرين نحو خمسة وثلاثين ألف دينار ومائتين وعشرين ألف درهم وخص عبد علي العواد نحو ستين ألف درهم وخص الإسكندر بن كتيلة الجنكي نحو الأربعين ألف درهم وخص العبيد والفراشين ومطيري الحمام نحو مائة ألف درهم‏.‏

وأظهر بعض الخدام حاصلًا تحت يده من الجوهر واللؤلؤ ما قيمته زيادة على مائة ألف دينار وتفاصيل حرير وبذلات زركش بمائة ألف دينار أخرى‏.‏

وفي يوم الخميس قبض على الأمير أيدمر الزراق والأمير قطز أمير آخور والأمير بلك الجمدار وأخرج قطز لنيابة صفد‏.‏

وقطعت أخباز عشرين خادمًا وخبز عبد علي العواد المغني وخبز إسكندر بن بدر الدين كتيلة الجنكي‏.‏

ثم قبض يوم الأحد على الطواشي عنبر السحرتي مقدم المماليك وعلى الأمير آق سنقر أمير جندار‏.‏

ثم عرضت المماليك أرباب الوظائف وأخرج منهم جماعة‏.‏

وأحيط بمال ‏"‏ كيدا ‏"‏ حظية الملك المظفر التي أخذها بعد اتفاق السوداء العواد وأموال بقية الحظايا وأنزلن من القلعة‏.‏

وفيه وكان أمر المشورة في الدولة والتدبير لتسعة أمراء‏:‏ بيبغا أرس القاسمي وألجيبغا المظفري وشيخون العمري وطاز الناصري وأحمد شاد الشراب خاناه وأرغون الإسماعيلي وثلاثة أخر‏.‏

واستقر الأمير شيخون رأس نوبة كبيرًا وشارك في تدبير المملكة‏.‏

وآستقر الأمير مغلطاي أمير آخور عوضًا عن الأمير قطز‏.‏

ثم رسم بالإفراج عن الأمير بزلار من سجن الإسكندرية‏.‏

ثم جهزت التشاريف لنواب البلاد الشامية وكتب لهم بما وقع من أمر الملك المظفر وقتله وسلطنة الملك الناصر حسن وجلوسه على تخت الملك‏.‏

ثم اتفقوا الأمراء على تخفيف الكلف السلطانية وتقليل المصروف بسائر الجهات وكتبت أوراق بما على الدولة من الكلف‏.‏

وأخذ الأمراء في بيع طائفة الجراكسة من المماليك السلطانية وقد كان الملك المظفر حاجي قربهم إليه بواسطة غرلو وجلبهم من كل مكان وأراد أن ينشئهم على الآتراك وأدناهم إليه حتى عرفوا بين الأمراء بكبر عمائمهم وقوي أمرهم وعملوا كلفتات خارجة عن الحد في الكبر‏.‏

فطلبوا الجميع وأخرجوهم منفيين خروجًا فاحشًا وقالوا‏:‏ هؤلاء جيعة النفوس كثيرو الفتن‏.‏

ثم قدم كتاب نائب الشام الأمير أرغون شاه يتضمن موافقته للأمراء ورضاءه بما وقع وغض من الأمير فخر الدين إياس نائب حلب‏.‏

وكان الأمير أرقطاي النائب قد طلب من الأمراء أن يعفوه من النيابة ويولوه بلدًا من البلاد فلم يوافقوه الأمراء على ذلك فلما ورد كتاب نائب الشام يذكر فيه أن إياس يصغر عن نيابة حلب فإنه لا يصلح لها إلا رجل شيخ كبير القدر له ذكر بين الناس وشهرة فعند ذلك طلب الأمير أرقطاي النائب نيابة حلب فخلع عليه بنيابة حلب في يوم الخميس خامس شوال واستقر عوضه في نيابة السلطنة بالديار المصرية الأمير بيبغا أرس أمير مجلس وخلع عليهما معًا‏.‏

وجلس بيبغا أرس في دست النيابة وجلس أرقطاي دونه بعد ما كان قبل ذلك أرقطاي في دست النيابة وبيبغا دونه‏.‏

وفي يوم السبت سابعه قدم الأمير منجك اليوسفي السلاح دار حاجب دمشق وأخو بيبغا أرس من الشام فرسم له بتقدمه ألف بديار مصر وخلع عليه واستقر وزيرًا وأستادارًا وخرج في موكب عظيم والأمراء بين يديه فصار حكم مصر للأخوين‏:‏ بيبغا أرس ومنجك السلاحدار‏.‏

ثم في يوم الثلاثاء عاشر شوال خرج الأمير أرقطاي إلى نيابة حلب وصحبته الأمير كشلي الإدريسي مسفرًا‏.‏

ثم إن الأمير منجك اشتد على الدواوين وتكلم فيهم حتى خافوه بأسرهم وقاموا له بتقادم هائلة فلم يمض شهر حتى أنس بهم وآعتمد عليهم في أموره كلها‏.‏

وتحدث منجك في جميع أقاليم مصر ومهد أمورها‏.‏

ثم قدم سيف الأمير فخر الدين إياس نائب حلب بعد القبض عليه فخرج مقيدًا وحبس بالإسكندرية‏.‏

ثم تراسل المماليك الجراكسة مع الأمير حسين ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون على أن يقيموه سلطانًا فقبض على أربعين منهم وأخرجوا على الهجن مفرقين إلى البلاد الشامية‏.‏

ثم قبض على ستة منهم وضربوا تجاه الإيوان من القلعة ضربًا مبرحًا وقيدوا وحبسوا بخزانة شمائل‏.‏

ثم عملت الخدمة بالإيوان واتفقوا على أن الأمراء إذا انفضوا من خدمة الإيوان دخل أمراء المشورة والتدبير إلى القصر دون غيرهم من بقية الأمراء ونفذوا الأمور على اختيارهم من غير أن يشاركهم أحد من الأمراء في ذلك‏.‏

فكانوا إذا حضروا الخدمة بالإيوان خرج الأمير منكلي بغا الفخري والأمير بيغرا والأمير بيبغا ططر والأمير طيبغا المجدي والأمير أرلان وسائر الأمراء فيمضوا على حالهم إلا أمراء المشورة وهم‏:‏ الأمير بيبغا أرس النائب والأمير شيخون العمري رأس نوبة النوب والأمير طاز والأمير الوزير منجك اليوسفي السلاح دار والأمير ألجيبغا المظفري والأمير طنيرق فإنهم يدخلون القصر وينفذون أحوال المملكة بين يدي السلطان